إذا تأملت الكلمات التي تحتها خط في الأمثلة السابقة كلِّها وجدتها مصادر منصوبة. وحين توازن بينها وبين ما سبقها من الأفعال تجد أنها مشتركة معها في حروفها موافقة لها في ألفاظها.
هذه المصادر وما شابهها تسمى عند النحاة المفعول المطلق. ونظيرها (زأر الأسد زئيراً، هدأت العاصفة هدوءاً, نمت نومتين إلخ…).
تأمل بعد ذلك أمثلة الطائفة (أ) تجد أن المصدر فيها قد قوَّى الفعل الذي قبله وأكد معناه. ولو أنك قلت: (الحروب تحصد الأرواح) ثم سكت لما أستفيد هذا التأكيد. ولكنَّك حين تُتبع الكلام بذكر المصدر فتقول: الحروب تحصد الأرواح حصداً تجد الفعل قد استفاد قوةً وتأكيداً بذكر المصدر بعده.
وإذن: فالغرض من المفعول المطلق في هذا المثال وما شابهه هو تأكيد الفعل ومثال ذلك: بكى بكاءً. وهتف هتافاً وهكذا.
أما أمثلة الطائفة (ب) فإنك تدرك حين تقرأ مثالَيْها أن المفعول المطلق الذي وُضع تحته خط فيها قد جاء لغرض آخر غير التأكيد. إنه لبيان نوع الفعل. ذلك أنك لو قلت: (يئن المصاب) ثم سكتَّ لم يُعرف نوع الأنين. فإذا أتبعته بقولك: (أنيناً موجعاً) فقد بيَّنتَ نوع الأنين.
وبعبارة أخرى لو أنك سألت: أيّ أنين أنَّ المصابُ؟ فالجواب: (أنيناً موجعاً)، وكذلك المثال الثاني. فإنك حين تسأل: أيَّ صراخٍ صَرَخ المصاب؟ لكان الجواب: (صُراخ الطفل).
وإذن: فهذا النوع من المفعول المطلق له غرض خاص هو: بيان نوع الفعل وأمثلته كثيرة تقول: زأر زئيراً عالياً - أَو زئير الأسد. ووثب وثباً قوياً - أو وَثْبَ الثعلب. وهكذا.
انتقل بعد ذلك إلى أمثلة الطائفة (جـ) تجد أن المصدر الذي وُضِع تحته خط قد جاء لبيان العدد. فقولك " صَرَخ المريض صرخة ." فيه تحديد للصراخ وأنه مرة واحدة، وحين تقول: صرخ صرختين - أو صرخات فإنك كذلك تريد بيان عدد الصرخات. وإذن: فمن أغراض المفعول المطلق أن يجيء لبيان عدد مرات الفعل.
ملاحظة هامة:
المفعول المطلق: مصدرٌ منصوب يُذكر بعد الفعل موافقاً له في لفظه.
والغرض منه: إما تأكيد الفعل، أو بيان نوعه، أو عدده.